إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
فتاوى في المسح
41450 مشاهدة
حكم المسح على الخفين

السؤال:-
ما حكم المسح على الخفين مع ذكر الأدلة ؟ الجواب:-
المسح على الخفين ونحوهما جائز، ورخصة وتوسعة من الله تعالى على المسلمين في الطهارة الصغرى، وعليه أهل السنة والجماعة، وقد خالف في حكمه الخوارج والرافضة ونحوهم من المبتدعة؛ ولذلك ذكر العلماء هذه المسألة في كتب العقائد فقد ذكرها الطحاوي في عقيدته والبربهاري في السنة وغيرهما كما ذكر الإمام أحمد في رسالة السنة عن الخوارج أنهم ينكرون المسح على الخفين.
      وقد روى البيهقي في سننه عن عبد الله بن المبارك -رحمه الله- قال : ليس في المسح على الخفين عندنا خلاف أنه جائز، وإن الرجل ليسألني عن المسح فأرتاب به أن يكون صاحب هوى.
وقال الإمام أحمد -رحمه الله- ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثا عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رفعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وما وقفوا , وروى ابن المنذر عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: حدثني سبعون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين .
وقد روى أكثر تلك الأحاديث أئمة المحدثين، فقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف مرفوعا عن ثمانية عشر صحابيا وهم: عوف بن مالك وأبو أيوب وحذيفة والمغيرة وجرير وبلال وبريدة وخزيمة وسعد بن أبي وقاص وعلي وصفوان بن عسال وسلمان وأبو عمارة الأنصاري وعمر وعمرو بن أمية وأبو بكر وأبو هريرة وجابر رضي الله تعالى عنهم.
ورواه موقوفا عن عمر وسعد وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعلي وأبي موسى وجابر بن سمرة وعبد الله بن عمر وسمرة وأبي أيوب وقيس بن سعد وأنس وأبي مسعود وحذيفة والمغيرة والبراء وجرير وأبي بكرة -رضي الله عنهم- أجمعين، وهؤلاء قد روي عن بعضهم مرفوعا، وذكر الترمذي في سننه أن في الباب عن عشرين صحابيا، فسرد أسماءهم ولم يورد أحاديثهم، وأشار لأكثرها الشارح وسرد البيهقي في ( سننه الكبرى ) من روى عنهم جواز المسح فزادوا على العشرين.
وأورد الزيلعي في ( نصب الراية ) ما وقف عليه من تلك الأحاديث وألفاظها، وغالب تلك الأحاديث صحيح ثابت. ومنها حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عليه- قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال ثم توضأ ومسح على خفيه قال إبراهيم النخعي وكان يعجبهم هذا؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة .
وفي رواية النسائي وكان أصحاب عبد الله يعجبهم قول جرير وكان إسلام جرير قبل موت النبي -صلى الله عليه وسلم- بيسير. ولأحمد عن جرير قال: ما أسلمت إلا بعد أن أنزلت المائدة، وأنا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح بعدما أسلمت
ومنها حديث عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم رواه أحمد وابن أبي شيبة والدارقطني والبزار وغيرهم . وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح، قال الإمام أحمد هذا من أجود الأحاديث في المسح لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو آخر فعله ذكره عبد الله بن أحمد في ( مسائله ) عن أبيه.
وقد استنبط ذلك بعض العلماء من القرآن الكريم من آية المائدة فإن قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فيها قراءتان: بالجر للأرجل فيحمل على ما إذا كانت في الخفاف، ونصب الأرجل فيراد به الغسل حذارا من أن تخلو إحدى القراءتين من الفائدة، والله أعلم.